في بداية المركبات ذات المحركات لم يكن هناك تنظيم لأعمال إصدار وثائق تأمين عن مسئولية هذه المركبات تجاه الغير ومع زيادة أعدادها ووقوع العديد من الحوادث منها كان لابد على المشرع من سن قوانين التأمين الإلزامي على المركبات التي تغطي المسئولية المدنية تجاه الغير وذلك لعدة مبررات إقتصادية وإجتماعية تهدف إلى حماية المضرور وعليه قد صدر القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري عن المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات والذي كان يغطي وقت سريانه مسئولية مالك المركبة او قائدها عن الحوادث التي ينتج عنها وفاة الغير او إصابتهم نتيجة خطأ قائد المركبة المتسببة في الحادث وذلك وفقًا للشروط الآتية:
– ثبوت خطأ قائد المركبة المتسببة في الحادث
– حدوث وفاة أو إصابة الغير
– تحقق علاقة السببية مباشرة بين الخطأ والضرر الناتج عن الحادث
– صدور حكم قضائي جنائي ونهائي بات من المحكمة المختصة بإدانة المتسبب في الحادث مع الحكم بتعويض مدني مؤقت للمضرور والذي يمكنه بعد ذلك من رفع دعوى مدنية أمام القضاء المختص للحصول على تعويض مدني تلتزم به شركة التأمين المؤمن لديها على المركبة المتسببة في الحادث.
ومن خلال ما سبق نرى أن هناك العديد من المشاكل التي كان يسببها التطبيق العملي لهذا القانون طوال مدة سريانه والتي وصلت لمدة إثنان وخمسون عامًا من عمر تطبيقه وخاصة فيما يتعلق بالآتي :
– إطالة فترة حصول المصاب على حقه أو حق ورثة المتوفي لحين إصدار الحكم النهائي من قبل المحكمة بالتعويض اللازم.
– عدم تحديد مبلغ التعويض الجابر للضرر وبالتالي كان يتم وفقًا لتقدير المحكمة المطروح أمامها النزاع الأمر الذي يؤدي إلى إختلال التوازن وإهدار حق المضرور او شركة التأمين.
– ضرورة ثبوت الخطأ في حق المتسبب في الحادث وهذا شيء كان يصعب إثباته وخاصة في حالات الوفاة حيث أن المتوفي حينئذ ليس طرفًا في الخصومة ليبدي دفاعه عن أنه ليس المخطئ.
– عدم تغطية الحوادث الناتجة عن المركبات المجهولة أو منتهية الترخيص فلا يصرف عنها مبالغ التعويض من قبل شركات التأمين في ظل سريان ذلك القانون.
ونتيجة لذلك ظهرت موجة من السخط العام لدى الشارع المصري تناولتها بعض الأفلام والمسلسلات التي كانت تنتقض ذلك الوضع مما حدا بشركات التأمين وقتها بمطالبة هيئة الرقابة على التأمين ( آنذاك ) وهي الجهة المسئولة عن أعمال شركات التأمين وفي الوقت نفسه عن حقوق حملة الوثائق الى التقدم الى السلطة التشريعية ” مجلس الشعب ” بطلب تعديل تشريعي على هذا القانون وعليه صدر القانون رقم 72 لسنة 2007 للتأمين الإجباري على المركبات والذي عالج العديد من السلبيات السابقة في القانون القديم بأن راعي المشرع تحقيق التوازن بين توسيع نطاق الحماية التأمينية للمضرورين ورعاية الجانب الإقتصادي لشركات التأمين وتفادي ما تتحمله الأخيرة من خسائر لعدم التناسب بين قيمة التعويضات عن حوادث المركبات وثبات أقساط التأمين الإلزامي ونتج عن ذلك تحقيق العديد من الإيجابيات الآتية :
– حدد مبلغ التعويض عن وفاة الشخص الواحد مبلغ 40.000 جم والذي حدثت له الوفاة في الحال او خلال سنة نتيجة الحادث، او الإصابة الناتج عنها عجز سواء كلي او جزئي وبحد أقصى مبلغ التأمين 40.000 جم.
– إضافة تغطية لممتلكات الغير المادية التي تلفت نتيجة الحادث بحد أقصى 10.000 جم لكل مضرور عدا تغطية المركبات سواء المملوكة للمؤمن له او للغير.
لم يشترط هذا القانون لجوء المضرور الى المحكمة كي يحصل على التعويض بينما أتاح للمضرور او ورثته التوجه مباشرة الى شركة التأمين المُصدرة للوثيقة والتي تغطي المركبة المتسببة في الحادث وإلزامها بصرف التعويض خلال شهر من إستيفاء المستندات المطلوبة لصرف التعويض.
أنشأ القانون صندوق سمي ” الصندوق الحكومي لتغطية المسئولية المدنية الناتجة عن حوادث مركبات النقل السريع بمصر، وتكون مسئوليته تغطية الأضرار الناتجة عن الآتي:
1. عدم وجود تأمين للمركبات المتسببة في الحوادث.
2. إنتهاء رخصة المركبة المتسببة في الحادث.
3. تغطية المركبات المعفاة من إجراءات الترخيص من الإدارة العامة للمرور.
4. في حالة إعسار شركة التأمين وعجزها عن سداد التعويضات الخاصة بوثائق التأمين الإجباري على المركبات.
5. الحالات التي يصدر بها قرار من رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية.
وعلى أن يتم تمويل هذا الصندوق من قبل شركات التأمين.
– كما حددت اللائحة التنفيذية لقانون 72 لسنة 2007 المستندات والإجراءات اللازمة لصرف التعويض وهي كالآتي :
– محضر الشرطة المحرر عن الحادث
– شهادة وفاة المضرور المتوفي نتيجة الحادث
– إعلام وراثة
– نموذج رقم ” 40″ يصدر عن النيابة العامة تفصح فيه عن المركبة المتسببة في الحادث سواء كانت مركبة واحدة أو أكثر وإسم شركة التأمين المؤمن لديها على المركبة او إيضاح أن المركبة المتسببة في الحادث غير مؤمن عليها وقت الحادث وبالتالي تكون مسئولية الصندوق الحكومي . – قانون 72 لسنة 2007
ونظرًا للتغيرات التي طرأت على سوق التأمين بشكل عام والتأمين الإلزامي بشكل خاص والظروف المتعلقة بوجود تلاعب بالأقساط والتعويضات أصدرت الهيئة العامة للرقابة المالية القرار رقم 252 لسنة 2019 بتأسيس (المجمعة المصرية للتأمين الإجباري على المركبات) تكون وحدها هي المسئولة عن نشاط التأمين الإلزامي على المركبات بمصر ونظراً للنجاحات التي حققتها المجمعة صدر القانون رقم ١٥٥ لسنة ٢٠٢٤ بإصدار قانون التأمين الموحد والذي يسري وينطبق على كافة أنشطة التأمين وإعادة التأمين بمصر وما يرتبط بهما من خدمات تأمينية ومهن وأنشطة ، وفي شأن التأمين الإلزامي على المركبات ؛ جاء مواكبة لما طرأ على هذا النوع من التأمين الإلزامي من تغيرات كان أبرزها إنشاء مجمعة تأمين متخصصة بين شركات التأمين والإتجاه نحو زيادة مبلغ التأمين المؤداة تطبيقًا له بالشكل الذي يساعد على رعاية الفئات المستهدفة من أحكامه في ظل التغيرات الإقتصادية الحالية وسنستعرض الفروق الجوهرية والتعديلات الهامة المتعلقة بالتأمين الإلزامي على المركبات وذلك على النحو الآتي :
– زيادة مبلغ التأمين في حالات الوفاة للفرد الواحد او العجز الكلي المستديم ليصبح ١٠٠.٠٠٠ بدلًا من ٤٠.٠٠٠ جنيهًا مصريًا وذلك في حالة وفاته مباشرة أو حدوث الوفاة خلال سنة من تاريخ الحادث ويثبت ذلك بشهادة طبية معتمدة أن الوفاة أو العجز الكلي المستديم كان نتيجة الحادث كما يحدد مبلغ التأمين في حالات الإصابة البدنية التي تخلف عنها عجز جزئي وفقًا لنسبة العجز.
– زيادة مبلغ التعويض عن الأضرار التي تلحق بممتلكات الغير ليصبح ٢٠.٠٠٠ بدلًا من ١٠.٠٠٠ جنيهًا مصريًا بحد أقصى عن كل مضرور.
– عقد القانون الإختصاص القضائي نوعيًا إلى المحاكم الإقتصادية للنظر والفصل فى المنازعات والدعاوى الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون.